يؤمن المسلم بأن نعيم القبر و عذابه و سؤال الملكين فيه حق و صدق و ذلك بالأدلة النقلية و العقلية الآتية :
الأدلة النقلية :
1 ــ إخباره تعالى بذلك في قوله :
((و لو إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم و أدبارهم ، و ذوقوا عذاب الحريق ، ذلك بما قدمت أيديكم و أن الله ليس بظلام للعبيد ))
و قوله عز و جل :
(( و لو ترى الظالمون في غمرات الموت و الملائكة باسطوا أيديهم اخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق و كنتم عن آياته تستكبرون و لقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة و تركتم ما خولنا كم وراء ظهوركم و ما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء ، لقد تقطع بينكم و ضل عنكم ما كنتم تزعمون ))
و في قوله تعالى :
(( سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم ))
و قوله تعالى :
(( النار يعرضون عليها غدوا و عشيا ، و يوم تقوم الساعة ، أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ))
و في قوله جل جلاله:
(( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا و في الآخرة ، و يضل الله الظالمين ، و يفعل الله ما يشاء ))
2 ــ إخبار الرسول صلى الله عليه و سلم بذلك في قوله :
(( إن العبد إذا وضع في قبره و تولى عنه أصحابه ، و إنه ليسمع قرع نعالهم ، أتاه ملكين فيقعدانه فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل ــ لمحمد صلى الله عليه و سلم ــ ؟ فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد الله و رسوله ، فيقال له انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة فيراهما جميعا ، و أما المنافق أو الكافر فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول لا أدري كنت أقول ما يقول الناس ، فيقال له : لا دريت و لا تليت و يضرب بمطارق من حديد ضربة فيصيح صيحة يسمعه من يليه غير الثقلين ))
و في قوله صلى الله عليه و سلم :
(( إذا مات أحدكم عرض عليه مقعده بالغداة و العشي إن كان من أهل النار فمن أهل النار ، فيقال له : هذا مقعدك حتى يبعثك الله إلى يوم القيامة ))
و في قوله عليه افصل الصلاة و السلام في دعئه :
(( اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر و من فتنة المحيا و الممات ، و من فتنة المسيح الدجال ))
و في قوله لما مر بقبرين فقال :
(( إنهما يعذبان و ما يعذبان ، في كبير ، ثم قال : بلى أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة ، و أما الآخر فكان لا يستبرئ من بوله ))
3 ــ إيمان البلابين من العلماء ، و الصالحين ، و المؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه و سلم و من أمم اخرى سبقت بعذاب القبر و نعيمه ، و كل ما روي في شأنه :
الأدلة العقلية :
1 ــ إيمان العبد بالله و ملائكته و اليوم الآخر يستلزم إيمانه بعذاب القبر و نعيمه ، و بكل ما يجري فيه ، إذ الكل من الغيب فمن آمن بالبعض لزمه عقلا الإيمان بالبعض الآخر .
2 ــ ليس عذاب القبر أو نعيمه ، أو ما يقع فيه من سؤال الملكين مما ينفيه العقل أو يحيله بل العقل السليم يقره و يشهد له .
3 ــ إن النئم قد يرى الرؤيا مما يسر له فيتلذذ بها و ينعم بتأثيرها في نفسه ، الأمر الذي يحزن له أو يأسف إن هو استيقظ ، كما يرى الرؤيا مما يكره فيستاء لها و يغتم ، الأمر الذي يجعله يحمد من أيقظه ، لو أن شخصا أيقظه فهذا النعيم أو العذاب في النوم يجري على الروح حقيقة و تتأثر به ، و هو غير محسوس و لا مشاهد لنا ، و لا ينكره أحد ، فكيف ينكر إذا عذاب القبر أو نعيمه ، و هو نظيره تماما .