فشلت محاولات «بلال سمور»، بالحصول على وظيفة في القطاع
الخاص، رغم حصوله على تقدير مرتفع بتخصص مطلوب في سوق العمل وهو نظم
معلومات حاسوبية.
بلال الذي
أطلق عليه زملاؤه بالدراسة لقب «مبرمج الكلية» بسبب تفوقه، لم يتمكن من
الخروج من دائرة البطالة، وحرم من حقه بالعمل الذي كفله له الدستور
الأردني والقانون لأنه يعاني من إعاقة أقعدته على الكرسي المتحرك.
يروي بلال
الذي تخرج من كلية الملك عبدالله الثاني لتكنولوجيا المعلومات في الجامعة
الأردنية، ما جرى معه إذ يقول انه بالرغم من إقرار بعض أرباب العمل بتفوقه
عن بقية المتقدمين إلى الوظيفة، إلا أنهم تذرعوا بعدم ملاءمة المبنى
لاحتياجاته كسبب لرفضهم تعيينه.
ويضيف أن بعض
أرباب العمل حين علموا بإعاقته رفضوا مقابلته، دون الإفصاح عن الأسباب
الحقيقية لذلك، مشيرا إلى أن زملاءه تخرجوا معه وبتقدير أقل حصلوا على
الوظيفة فيما هو قد رفض طلبه.
بلال الذي
تمكن أن يقهر إعاقته بتفوقه وبعمل اختراعات وابتكار نظام يساعد الشخص
الكفيف على التنقل في منطقة واسعة باستخدام هاتف متنقل عادي يحتوي على
خارطة صوتية تحدد له الاتجاهات ومكانه الحالي ووصفا للمكان الهدف، لا يزال
من يعاني من الصورة النمطية التي تصر على معاملة الأشخاص ذوي الإعاقة
كأفراد عاجزين.
كما صمم
كرسيا كهربائيا متحركا يحتوي على جهاز كمبيوتر صغير يستطيع التحكم بكل
الأجهزة الكهربائية في البيت و المكتب... كما يحتوي على جهاز استشعار يمنع
الكرسي من الارتطام بالحائط الكرسي...
لم يتمكن
أيضا من تسويق اختراعه لإفادة الأشخاص المكفوفين، فسيبقى اختراعا على ورق
إن لم تتبناه شركة أو مؤسسة أو مركز بحث.
بلال اتجه
إلى المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعاقين، لمساعدته على الحصول على
وظيفة، والذي بدوره كما قال أعطاه كتابا موقعا من المجلس يوصي بمساعدته
وتوظيفه، لكن شيء من هذا القبيل لم يحدث.
ويرى أن
معاناته ستتكرر مع غيره ولن تنتهي طالما لا يوجد قانون فعال يحمي حقوق
الأشخاص ذوي الإعاقة، لافتا إلى أنه من الممكن أن يتذرع صاحب العمل بعدم
ملائمة بيئة العمل لإعاقته ما يساعده على التهرب من القانون.
وأشار بلال
إلى أن صديقا له يحمل بكالوريوس محاسبة بتفوق متخرج منذ أربع سنوات لم
يفلح بالحصول على وظيفة بسبب إعاقته، ما يحتم على المجتمع بحسبه التنبه
إلى حقوق هذه الفئة من المواطنين، وأن لا تطلق الأحكام عليهم من النظرة
الأولى، بل إعطائهم الفرصة لإثبات قدراتهم.
وذكر زميل له
برابطة «أستطيع» التي شكلها لمساعدة الأشخاص المعاقين والتواصل معهم،
وهيا مها القيسية التي واجهت حال تخرجها الاتهامات بعدم أهليتها للاندماج
في سوق العمل.
فهي
الآن تعمل اختصاصية تطوير تربوي، بيد أنها واجهت اتهامها بعدم أهليتها
للعمل في التعليم، وذلك لأنها لن تستطيع الكتابة على «السبورة» بما أنها
بيد واحدة.
وتشير أرقام
صادرة عن المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعاقين أن نسبة البطالة في صفوف
الأشخاص المعاقين تصل إلى زهاء 40% رغم أن قانون حماية حقوق المعاقين لعام
2007 يعاقب المؤسسات التي يثبت أنها رفضت تشغيل شخص بسبب الإعاقة.
وزارة
العمل بحكم القانون مسؤولة عن تشغيل المواطنين بما فيهم ذوي الإعاقة، إذ
ينص القانون على تشغيل ما نسبته 2% بالمؤسسات، وهي التي تخالف المؤسسات
التي لا تتقيد بأحكام القانون إذا ثبت ذلك، وهو ما يصعب إثباته.
وتعاقب
المادة (12) من قانون حماية الأشخاص ذوي الإعاقة لسنة 2007 مؤسسات القطاع
الخاص التي يثبت امتناعها عن تشغيل الأشخاص المعوقين، بدفع غرامـــة
ماليـــة لا يقل مقدارها عن ضعف الأجرة الشهرية للحد الأدنى لعدد الأشخاص
المعوقين المترتب عليها تشغيلهم خلال السنة، وفي حال تكرار المخالفة تضاعف
الغرامة.
لكن لا يمكن
إثبات أن سبب رفض المؤسسة التشغيل هو الإعاقة، حتى أمام القضاء وفق ما قال
مدير التدريب والتأهيل المهني والتشغيل في المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص
المعاقين محتسب بني علي.
ودعا بني علي
في تصريح لـ»الرأي» إلى ضرورة مراقبة تطبيق القانون لإلزام أرباب العمل
تشغيل الأشخاص المعاقين المؤهلين للوظيفة المتقدمين إليها.
وأشار إلى أن
تطبيق القانون حاليا مناط بوزارة العمل، موضحا أن تفعيل القانون يحتاج
إلى جهاز كبير كي يتمكن من متابعته وفرضه، إلى جانب إدخال تعديلات على
قانون العمل شبيه بما هو وارد بالمادة (12) من قانون حماية الأشخاص ذوي
الإعاقة لمعاقبة عدم الملتزمين.
وطالب بني
علي أن تناط المهمة في المجلس الأعلى شريطة أن تتوفر لديه الامكانات
لمراقبة تطبيق القانون، وأن يمنح صلاحيات الضابطة العدلية لمخالفة أي
مؤسسة أو شركه تحجم عن تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة.
ويطالب
المجلس الأعلى، وفق بني علي، تعديل قانون العمل الذي ينص على تشغيل 2% من
ذوي الإعاقات في المؤسسات التي يصل عدد العاملين فيها إلى 50 عاملا، لتصبح
النسبة كما في قانون حماية الأشخاص ذوي الإعاقة أي 4%.
كما يطالب
بتعديل المادة (28) من نظام الخدمة المدنية التي تنص على تعيين الحالات
الإنسانية وقسمها لأربع فئات من ضمنها الأشخاص ذوي الإعاقة وخصص لها نسبة
6%، ما يعني وفق بني علي أن حصة المعاقين تصل إلى 5و1% مطالبا بتعديل
التعليمات بما يتفق مع قانون الأشخاص ذوي الإعاقة.
وبين أن
المجلس الأعلى خاطب ديوان الخدمةالمدنية من اجل تعديل المادة المذكورة
بحيث يخصص لذوي الإعاقة نسبة 4% بدون التنافس مع الفئات الأخرى.
منقول